فى ظل الاجواء الشعبية بين شوارع الازهر والصنادقية والموسكى، حيث خلق الاحداث فى احد الازقة فنشاهد فئة اخرى من البشرتتفاعل مع الحياة بفكر الفطرة و السليقة المنبثق من البيئة الشعبية بزخم كثيف من الشخصيات الانسانية بتناقضاتها الظاهرية والباطنية قد احتار فى اختيار الشخصية المحورية للاحداث، لان الكاتب نجيب محفوظ جعل جميع شخصيات الرواية فى تساوى من حيث التركيب والتصاعد السردى، الا ان مشهد النهاية حسم محورية الاحداث لتجعل من حميدة هى محور الاحداث وذلك لتدرج الشخصية من البراءة الى النضوج ثم الانزلاق الى الانحداروالتدهور.
من
خلال التسلسل السردى لشخصية حميدة نجد ان صفاتها الاساسية تشى بان بذرة
خلقها تتجه نحو تكوينها كعاهرة ،بدءا من تفاخرها بجمالها وتطلعها للثراء
وطموحها الى البذخ المظهرى، وقد تتناقض ايضا مع اوكتافيا فى عزازيل التى رغم
وثنيتها وايمانها بالحبيب الا ان مبادئها اعز عليها من حبيب ينتمى الى دين
متعصب تبغضه، وكذلك تختلف عن سارة فى رواية العقاد المثقفة التى لديها
اهواء جامحة ولكنها تبحث عن الحب لتروى به تعطشها العاطفى ولم تتخذ من
الدعارة هدفا لارضاء رغباتها.
بالعودة الى حميدة يأتى حبيبهاعباس
الحلوعلى توازى معها فى محور الاحداث وهو وديع مثل النهر فى هدوء سريانه
ورقة مشاعره وصدقه فى تلبية رغبات حبيبته لكسب قلبها لا ان نظراته الوديعة
لا تغرى حميدة للثبات على انتظاره وذلك لتركيزها على قوة المال لتسخير
احلامها فى الدنيا التى تعرفها بمنطقها وهنا يأتى دور ابراهيم فرج القواد
الذى يسحبها بخلسة تحت مسمى الحب و التعاون والمال نحو عالم الدعارة
فتستسلم راضية دون محاولة الفكاك لتضحى بكل شىء فى سبيل الحياة وتلقى فى
النهاية مصيرها المفجع بين احضان الجنود
الانجليز وقتل عباس الحلو المحب المخلص بايديهم وبتلك النهاية الحزينة
يرتسم الحزن فى الزقاق والحيرة من سوء نهاية الشاب الوديع
الا ان من ادهش الشخصيات زيطة صانع العاهات للشحاذين والمعلم كرشة
مدمن الحشيش الذى سلب ارادته فاستسلم لشهواته وشذوذه والسيد سليم علوان
تاجر وكالة العطارة متأرجح بين عمله ورغباته ومن خلاله نتطلع الى كنه
الحياة بين الصحة والمرض والرضا والسخط والشخصيات النسائية ام حميدة تمثل
الحياة برتابتها و سنية عفيفى صدى للمرأة التى تمتلك المال ترغب
بالاقتران بالرجل وحسنية الفرانة المتسلطة التى تسدد الركلات
واللطمات لزوجها .
ومن اروع الشخصيات التى خلقت توازنا
فى النسيج الروائى فى ظل الشخصيات الرواية التى تؤمن بالحياة والاخذ
بمظاهرها السيد رضوان الحسينى الذى يمثل صوت الحكمة بايمانه بقضاء الله
وقدره وغرسه لقيم مجردة روحية كالخير والحب والجود دون مقابل ورحيله للحج
توبة عن تقاعده فى سبيل حماية مجتمعه من تدهور الاخلاق الذى انجرفت نحوه
حميدة و زيطة الذى هوى نتيجة جوعه فاتجه لسرقة اعضاء جثث الموتى.
كلامك جميل جدا عن الرواية وصغتيه بحرفية شديدة أحييكي :)
ردحذفتسلميلي ربنا يخليكي نورتي مدونتي
ردحذف