السجاد الأخضر - من مذاكراتي في المدينة المنورة
كلما
انتويت الدخول الي الروضة الشريفة يطل عليَ خاطر السجاد الأخضر..... الذي يجب ان
أطئه بقدمي لدخول هذا المكان المقدس..... هذا السجاد هو الفارق المكاني بين الدنيا
و الطريق الي الجنة ... قد يتسائل البعض كيف ذلك ؟
عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما بين بيتي ومنبري روضة من
رياض الجنة، ومنبري على حوضي).
قال
ابن عبد البر في التمهيد ج2/ص287:
"فقال
قوم: معناه أن البقعة ترفع يوم القيامة فتجعل روضة في الجنة. وقال آخرون: هذا على
المجاز.
قال أبو
عمر: كأنهم يعنون أنه لما كان جلوسه وجلوس الناس إليه، يتعلمون القرآن والإيمان
والدين هناك، شبّه ذلك الموضع بالروضة؛ لكرم ما يجتنى فيها، وإضافتها إلى الجنة
لأنها تقود إلى الجنة.
انا الآن
استعد لدخولي الروضة الشريفة كالعادة الازدحام و محاولة التنظيم من قبل مرشدات
المسجد النبوي بحيت تقسيم الناس إلي مجموعات حسب كل جنسية فمنها أهل مصر و بلاد الشام
و ايران و اذربيجان و باكستان و الهند. فبعد تقسيم المجموعات يتم إلقاء درس آداب
زيارة المسجد النبوي و الروضة الشريفة .
و انتظار فتح الأبواب الخشبية للإنتقال الي قسم الرجال
الذي فيه الروضة الشريفة.... الجميع يجري يلحق بالصفوف الأولى ... و محاولة التهدئة و التنظيم
مستمرة من المرشدات و كذلك التأكيد منهم أن العبادة في هذا المكان ثوابها عظيم و
ليس هناك عبادة مخصوصة أو دعاء مخصوص و العبادة لله و طلب الشفاعة من الله حتى لا
يختلط الأمر لدى البعض لأننا في مسجد النبوي فيها مرقد رسول الله.... فتقول المرشدة قوله صلى الله عليه
وسلم لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى.
صلى
الله على سيدنا و حبيبنا محمد لا تملك أمام تلك النعمة التي أمامها إلا أن تذكر
الله و تكثر الدعاء أن ييسر هذة الزيارة و يكتب لها القبول من رب العالمين.
أنا
الآن اقترب من هذة البقعة من الأرض المقدسة تملئني هذة الرجفة التي قلما أشعر بها
أكاد أنسى كل شيىء حتى ما يمكن قوله أحترس في دخولي مخافة من إيذاء أحد أو أن
يصطدمني أحد ما .... تسألني أحداهن هل نصلي هنا ؟ أردد لها بل انتظري ان تطئي
السجاد الأخضر... كلما خطوت للأمام خطوة أنظر بجانبي أرى وجوه الناس تختلف و أجناسهم
أيضا تختلف و الكل ينشغل بحاله و مكان وقوفه و شكل صلاته .... أتسائل في نفسي أهكذا سنكون في يوم
القيامة؟
الآن
أنا على السجاد الأخضر و الازدحام يزيد و التدافع من ناحية اليسار يصطدم بي لمن
يود الخروج و من ناحية اليمين لمن يود الدخول و كلما نويت الصلاة يتم دفعي فأخرج
عن صلاتي و أتذكر قول المرشدة لا صلاة دون اطمئنان و سكينة فأنتظر ان يهدأ التدافع
أو أن أنتظر تقدمي للأمام الي الصفوف الاولى الأكثر هدوءاً. أكتفي بالدعاء حتى أصل
للصفوف الأولى .... بالكاد كلما تذكر هذة اللحظة في نظرتي على يمني حيث منبر رسول
الله و على يساري قبر رسول الله و أمامي المحراب .... و النفس يملئها الخشوع ... ادعو بما
يفيض به لساني و قلبي معاً....انه المدد
الذي
أجهل مصدره ... و الفرحة التي قلما أشعرها و لا تشرحها الكلمات .... هذة اللحظة
التي أعيشها و أتمنى أن تستغرق عمري بأكمله هي اللحظة بل استزيدها لأجعلها تمضي
كلحظات، إنها تعيدني لجذوري وأصل روحي الذي نسيته أو بالأحرى غاص في الطين و
التراب حتى نسيته.