الخميس، 12 أبريل 2012

ماذا أكتب


ماذا أكتب ؟؟

شعور جميل انك تكتب و لكن شعور أسوأ منه ان تحتار فيما تكتب ...... ماذا اكتب ؟ هل أكتب عما أعايشه في يومي .... أم ما أفكر فيه .... ام اكتب أحد أسراري ..... لتضحي من سرها الي علنها.

دائما أريد أن أكتب ليتحول سؤالي مندهشا من ماذا أكتب الي لماذا أكتب؟؟ .... و لكن أشد ما يحفزني للكتابة أن يكون هناك شيئ أريد أن أقوله..... أو طرحا أراه فلا يراه سواي أو سرا أرغب ان ألقيه , لأراه  متجسدا أمام عيني .

قد يعيش كل انسان بداخله صخب و خبرات و كلمات ..... وتنمو بداخله وترتكن في ذاكرته فلا يكتبها و لا يهتم بتدوينها و العكس أيضا  قد يكتبها ليحررها من داخله و تظل ذكراها على الاوراق يعود لها كلما استشعر احتياجه اليها.
أعود الى نفسي و أسالها: لماذا أكتب؟؟

أكتب لأني شعرت بنفسي أختلف حينما أمسك القلم  او حينما اضغظ أزرار جهاز الكمبيوتر .... أكتب لأنني لدى كلمات اذا قلتها لا يفهمها من حولي و لكن قلمي يتفهمها ... اكتب لأنني كونت وجه نظر جديدة أريد استعراضها و أدونها .... أكتب لأن التدوين باق الى الأبد و يعيش بعد فنائي و الافكار المدونة تولد أفكارا جديدة اذا تبعثرت و تداولها من يحيطوني .... اكتب لانني أشعر بمتعة أن اختلي و أكتب ... و انسى ما كتبت ويعود لي حنيني الي ماضي لما كتبت فاستعجب أفكاري و تدويني..... و أردد لماذا يحلو في عيني الماضي؟؟

اكتب لانني من بني البشر الذين يعيشون يتأملون و يشاهدون و يفكرون و يتفكرون و يستنبطون مما حولهم  وفي النهاية  حتما ستأتي النهاية .... نهاية عالمي فسيبحث كل  حولي فلن يجدوا ما يعبر عني سوى اوراقي المدونة بتوقيعي .

ملهاة


منذ صغر سني ظننت أن الحياة تختزل فى بيتى الصغير وما يحيط بي من ألعابي و كراساتى و أقلامى و ألوانى
و أن غاية الحياة في توالى الليل و النهار بين ظهور و أفول لتصحو الكائنات و تنام
و لكن الحياة دارت بي مثل ثيران السواقي المغمضة العينين تعى بدايتها المستقيمة و تجهل دورانها منحنيا
و تسائلت هل ستظل الأيام تعدو سريعا لأنمو وأنضج ركضا نحو مصيري
إلى أين تقودنى خفايا الأقدار نحو الفناء المطموس أم المصير المعلوم
إلى متى سينتهى صراعى الأبدى بين الخير و الشر و صراع من حولى بين القوة و الضعف
إلى متى يظل القوى يسيطر و يستعمر و الضعيف يداهن ويبالغ فى الاحتماء و المقاومة
إلى متى سيظل الصغير يكبر و الكبير يهرم
إلى متى ستطول حيرتى
إلى متى سيظل البشر كالدمى فى رواية ملهاة تروى مأساة الوجود

تعليفي لكتاب اللاهوت العربي



عن المؤلف: الدكتور يوسف زيدان باحث ومفكر مصري مواليد سوهاج 1958 متخصص في التراث العربي المخطوط وعلومه. له عديد من المؤلفات والأبحاث العلمية في الفكر الإسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي. وله إسهام أدبي يتمثل في أعمال روائية منشورة رواية ظل الأفعى ورواية عزازيل و مؤخرا رواية النبطى.

بلورة افكار كتاب اللاهوت العربى  للدكتور يوسف زيدان
اللاهوت العربى من الكتب التى حطمت فكر الأوهام التى تعلق فى أذهاننا على أنها بديهيات مفروضة و علينا تقبلها ، و قد أرى أن هذا الكتاب جاء محذرا من أن كتمان و كبت تباحث العلاقات الجدلية الخلافية سيولد إنفجارا عنيفا قد يدمرنا و نفقد السيطرة عليه، وهو ما نحن بصدده الآن من تعقد الوضع الحالى بين قطبى الأمةالمصرية المسيحى و المسلم
نبدأ بوعى الكاتب بفكرة بتناوله فكرة الإمتداد التراثى الواصل بين الأديان الثلاثة و أنها مرحلة تاريخية من تراث مصر لابد من دراستها لأن بدونها لا نسنطيع فهم بقية المراحل.

الديانات الثلاثة واحدة في جوهرها و ظهرت بتجلياتها الكبرى التي تحفل بها كل ديانة فبدأت المسيحية بإعتبارها امتدادا لليهودية، و كذلك القرآن قدمهم على إعتبار أنها ذرية بعضها من بعض و بأن هناك طابع عائلى للنبوة و الأنبياء فالمعبود واحد مع تعدد المذاهب و الفرق فى الديانات الثلاثة.
جاء الاسلام متشبكا مع الواقع المحيط ومرتبطا به فتعرض لتفاصيل الواقع السائد في عبادة الاوثان و فى اليهودية و المسيحية، وشارك فى الأطروحات العقائدية لأنه اليقين الموحى به من رب العالمين و قدم حلولا بأن أعاد بناء التصورات الأساسية للألوهية و النبوة.
 
أطاح الكاتب بأن فكرة ظاهرة علم الكلام جديدة فى الفكر الإسلامى، لكنه عرضها على أنها ممتدة ووليدة الإمتداد المكانى الجغرافى بمنطقة الشام و العراق و لها السبق الزمنى و هى مسألة الصفات الآلهية التى شغلت الأذهان قبل وصول الإسلام، و قد نشأت مع اليهودية و نصوصها ثم اجتهدت المسيحية فى حلها عبر اتجاهات و مذاهب فجاء الإسلام معترفا بالديانتين فتوارثوا علم الاهوت أو الكلام، فهذا يعنى أن بداية هذا العلم كانت عربية ليست إسلامية و كان مدونا باليونانية و السريانية ثم العربية ومن خلال هذا التحليل الذى ابتدعه الكاتب جاء طرح المفهوم الجديد اللاهوت العربى بإعتبار ان الكلام و اللاهوت هما وجهان لعملة واحدة، ، لذلك وجد الكاتب أن يدعو إلى كل من المشتغلين فى اللاهوت المسيحى و علم الكلام الاسلامى أن ينظر كل منهما لعلوم الآخر لإزياد الإستنارة و دراسة الإمتداد التراثى بينهما الذى انبثقت منه مذاهب كلامية.
 
 
المتمعن فى قراءة كتابات الدكتور يوسف زيدان على دراية أنه يكتب بناءا على تجريد الافكار المطروحة و تحليلها تفصيليا ليصل إلى أصلها و منشئها ليضعنا أمام حقيقتها العارية، فلذلك يغوص الكاتب فى كتابه ذو السبع فصول يبدأ ببعض النقاط الاستهلالية لتبيان مدى التواصل بين تراث الديانتين الكبيرتين : المسيحية و الإسلام ويؤكد ان تراث الديانات الثلاثة كما يرى ديانة واحدة ذات تجليات ثلاثة ثم ينتقل إلى جذور الإشكال فى التوراة و يعرض بعدها الحل المسيحى و اختلاف فهم الديانة وجدل الهراطقة شرقا (فلسطين و البلاد المحيطة) وغربا (مصر و اليونان القديمة) ثم الاتجاة إلى الحل القرآنى بإعادة بناء تصوراته وعلم كلام الإسلامى، فالكاتب يخترق الوقائع الظاهرة ليصل إلى بواطنها السحيقة الوعرة، فمن خلال طرحى لعرض كتاب اللاهوت العربى سأكتفى بأن يكون إضاءة خافتة لمضمون الكتاب وأفكاره.
و لأعرض فكر الكاتب وجب عليا اقتباس هذة الفقرة التالية فى أطروحته التى نحن بصددها فقد قال معبرا عن وصف كتابه:
فإن هذا الكتاب وضع بشكل عام للمهتمين بالدين و السياسة، وبشكل أعم للقارىء الواعى المنشغل بارتباط الدين بالعنف و بالسياسة، شريطة أن يكون هذا القارىء غير كسول، وغيرمعتاد على تلقى الإجابات الجاهزة عن الأسئلة النمطية.
 
وكعادة يوسف زيدان يثير القضايا الشائكة بتعمقه داخل اللفظ إلى ما وراء الأحداث و التاريخ، فجاء بوصف سماوية الدين و بأن كل دين يعتبر معتنقوه بأنه سماوى لأنهم يتعالون به عن المحسوسات إلى التسامى السماوى و الأصح أن نقول على الديانات الثلاثة ديانات رسولية أو رسالية.
 
ففى العقيدة التوراتية ظهرت صفات الألوهية ملتصقة بالأرض لا السماء مع أنه ينتمى إلى السماء و أن اللهمخصوص ببنى إسرائيل و اليهود دون غيره من البشر، فالنصوص التوراتية مستهينة بحقوق البشر من غير اليهود و انقلبت منظومة القيم الانسانية و أباح القتل و الزنا و إقتراف المحرمات باسم الرب وظل اليهود قرنين من الزمان فى انتظار الوعد الذى اعطاه الله لأبى الأنبياء إبراهيم (لنسلك يا إبراهيم أعطى هذة الارض من النهر الفرات الى النهر الكبير نهر مصر)، و لايتم الإيمان اليهودى إلا إنطلاقا من هذة الأية التى طالما داعبت خيال اليهود حتى نجح حلم إقامة دولة إسرائيل التى هى أولى بشارات هذا الوعد الإلهى و جعلت اليهودية كتبها أسفار موسى الخمسة المعروفة بالتوراة تحت إسم جامع هو العهد القديم تمييزا عن مجموعة الأناجيل و إعمال الرسل المعروفة باسم العهد الجديد، و قدمت المسيحية حلا بأن يكون وجود الله مع الإنسان فى الأرض ثم رفعته إلى السماء و جاء المسيح للتخلص من اندماج الله مع الانسان و هو بالمفهوم المسيحى الخلاص الإنسانى من الخطيئة الأولى التى اقترفتها آدم وورثها لأبناؤه.
كان يسوع المسيح فى بدء دعواه يقول لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة تأكيد أنه امتداد لليهودية و أنه يعنى بأبناء الرب دون بقية الناس، و كان الخلاف المسيحى حول ماهية المسيح أو طبيعته هل هو بشر نبى جاء بالبشارة أم هو الله بذاته نزل إلى الأرض حينا ثم عاد ثانية إلى السماء، وقد احتدم هذا الصراع و صار بأيدى الناس أناجيل كثيرة إلى أن حسم هذا الصراع فصارالمسيح هو الديانة ذاتها و أصبح معادلا موضوعيا لله و لم تعد المشكلة اليهودية حول صفات الله مطروحة إنما صار الإيمان بالمسيح الذى هو الله و التشكيك فى ألوهيته يعنى الكفر.
من أرض فلسطين بدأ انتشار المسيحية شرقا و غربا فكان الحال فى منطقة الشرق من فلسطين مختلفا عن منطقة الغرب، حيث كانت مصر و اليونان القديمة فقد كان للعقلية الجمعية للمصريين و اليونانيين القدماء حيث الأرض الخضراء و الأنهار المنتظمة الفيضان و الشعور بأن الآلهة قريبة من البشر ثقافة دينية تعترف بأنصاف الآلهة و بالبشر الذين تحدوا الأرباب أو تحدوا معهم فخلدهم الناس و أقاموا لهم المعابد لإظهار التقديس لهم.
إنما العقلية العربية فى منطقة الهلال الخصيب الشام و العراق اختلفت، فهى لاتقبل فكرة الإمتزاج و التداخل بين الآلهة و البشر و تعتقد بوجود كائنات وسيطة بين العالمين الإلهى و البشرى كالجن و العفاريت و الكهان و الملهمين، وهى لعقلية من يعيش بالصحراوات الشاسعة و الأسفار الطويلة و الحروب الداخلية و الدولية و الخوف من المجهول الكامن فى الغيب و على أساس هذة الاختلافات دارت المساجلات حول موضوع واحد يدور جوهره حول المسيح و طبيعته فأدرك الناس أنه لابد من الاختلال و اختلاف العقائد ما بين صيغ الايمان المتعددة، و التقاليد الموروثة و أنهار الدم المتدفقة و نزل القران فى القرن السابع الميلادى.
جاء الاسلام متشبكا مع الواقع المحيط ومرتبطا به فتعرض لتفاصيل الواقع السائد في عبادة الاوثان و فى اليهودية و المسيحية، وشارك فى الأطروحات العقائدية لأنه اليقين الموحى به من رب العالمين و قدم حلولا بأن أعاد بناء التصورات الأساسية للألوهية و النبوة.
فجاءت النبوة إصطفاء إلهى من فرع بشرى عبرانى من أبو الانبياء إبراهيم و إشارت الآيات القرانية إلى إمكان ظهور النبوة فى العرب واختلفت السور القرانية فآدم فى القرآن الإنسان الذى اخطأ وعصى و أدرك خطأه وتاب أمام الله بمعونة من الله و ليس ثمة خطية أزلية ارتكبها آدم وورثها من بعده بنوه لأنهم لم يشهدوا الخلق الأول و لم يعصوا الأمر الآلهى فلا تجوز محاسبتهم.
مريم فى القرآن ليست أم النور الحقيقى، إنما فقد وهبتها أمها لله فارسل لها الله روح القدس أو الروح الأمين فأوصل جبريل النفخة الآهية الخالقة إلى مريم فحملت عيسى، وهكذا أبعد القرآن أى شبهة إتصال مباشر بين الله و الإنسان.
لإن العقلية العربية التى نزل فيها القرآن عملية فقد مدهم القرآن بنظام حياتى و لم يكتف بالنص القرآنى، فتحول الدين إلى راية يحاربون تحتها بغرض تأسيس الدولة ومد حدودها فصارت جزيرة العرب دارا للإسلام و غيرها دارا للحرب، إلى أن تفتح وحين فتحت البلاد المحيطة شهدت المناطق المحيطة تحولات إمتدت خلالها الأفكار و الرؤى التى كانت فى الزمن المسيحى  لاهوتا، ثم صارت تسمى فى الزمن الإسلامى كلاما.
فعلى الأرض ذاتها وأهلها أنفسهم حيث شهدنا نشأة وتطور اللاهوت العربى المسيحى الذى امتداده نشأة وتطور علم الكلام الإسلامى،  كانت الأولى نمط تفكير، وكانت الثانية نمط تفكير ولغة أزاحت السريانية و اليونانية و نطقت بالعربية.
 

جدلية العلاقة بين الدين و العنف و السياسة
يبدأ العنف كطرف ثالث  فى جدلية الدين و السياسة يبدأ بمبادرات من الطرف المستقر النظام السياسى يقابلها المؤمنين بالدين متعلقين بالأبقى و هو الله و الجنة و الرضا الداخلى، و إزاحة متطلبات الدنيا الفانية وهو وسيلتهم لمقاومة العنف الذى يتعرضون له فيواجة الدين العنف السياسى بالاحتمال و الهجرة، وهى تبدو سلبية لكنها ايجابية فى الفعل السياسى و تؤدى المواجهة الدينية للعنف السياسى إلى أمرين: انتشار الدين بين الصالحين من المهمشين و المظلومين و المتمردين و الأمر الثانى الرضا المؤقت للسلطة السياسية باقتناعها بأن الدين هرب من المواجهة و لم يهدد السلطة، و يبدأ الدين يتنامى فى الأرض التى خرج إليها على نحو جديد و عود قوي ليقتلع أتباعه السلطة السياسية القديمة ويعود قويا فيطرح سبلا جديدة لإقتسام السلطة و النفوذ واعدا بجنتين أرضية و سماوية مع إرساء قواعد للتعايش و هنا التقارب بين السياسة و الدين، السياسة متدينة و الدين سياسى ومع هذا لا يخلو أيضا اضطرابات خافتة بينهما و أحيانا حادة وهو ما يحدث فى واقعنا الحالى و لذلك وضع الكاتب بعض الحلول للتعايش السلمى بين الدين و السياسة لتحقيق التوازن بينهما و لتجنب دخول العنف فى اربع نقاط وهى:
الفهم و التفهم 
الفهم و الإعتراف المتبادل بشرعية النظرة السياسية و الرؤية الدينية و تشابكهما ، وهذا لتأكيد الطبيعة المستقلة لكل منهما و تجاورهما، لاستشراف تعايش متناغم بين الدين و السياسة  لا يجوز لإى منهما بازاحة الأخر، و كذلك تفهم أن وأد أى انبثاق سياسى تفر منه موجة دينية وليدة متسلحة بميراث من القهر الدفين فيتضاعف عندها الحقد تجاة المجتمع وتتكون لديها رغبة تدميرية لإزاحة السلطة  فيدور العنف تحت راية وهمية وهى الجهاد وضرورة هذا الفهم للوقاية من ذلك مبكرا.
الإظهار بديلا للإستتار
حين تظهر موجة الجماعات الدينية تضطر إلى الإختباء و التخفى من السلطة السياسية كإظهار تلبية المطالب السياسة أو القيام بأعمال تطوعية أو محاربة أعداء خارجيين، وذلك لتأجيل أى صدام بينهما و الإظهار يعنى المكاشفة بينهما، وهو الإقرار بالتعددية وتنوع التجربة الإنسانية  والتناقض و الحوار العلنى بغية تطور اتجاهات كل من الطرفين وذلك يتم باحترام وتفهم ووضوح. 
الضبط المتوازن
تنظيم حركات الأفراد فى المجتمع سياسيا و دينيا و كلاهما يكمل الآخر و ذلك يقتضى تجنب الغلو و التشدد فى صياغة القوانين و اللوائح لأن الضغط المتشدد يولد التمرد،  وليست الصرامة هى الحل لأن تطرف و تشدد الأطراف فى أفكارهم و تقويضهم للحريات ينتهى إلى الصدام الحتمى بين الأطراف،  لذلك يقترح الكاتب الضبط المتوازن لترك مساحة للحرية الإنسانية  و يؤدى إلى عمليات ضبط ذاتية للأفراد دون ضغط يرتضيها المجتمع و هى أقوى و أعمق أثرا من الضبط المتشدد. 
 التعاون الدولى
تعاون دائم و مستمر بين دول العالم لمحاربة العنف الدينى الارهاب الذى صارت له تجليات عبر الدول و القارات  و لا يمكن بإى حال التعامل معها إلا بالفهم و التفهم و الإستبصار و الضبط المتوازن، لأن العنف فى تعامل مع الارهاب الإسلامى  يولد مزيدا من العنف.
فى النهاية لا يسعنى الا التنويه بأن رواية عزازيل و أحداثها  و ما تتابع بعدها من زوابع كانت سببا لظهور هذا الكتاب ليكون أكثر تفصيلا لعرض أفكار كاتبنا يوسف زيدان، وقد جاء عرضى معبرا عن أفكار الكتاب الرئيسية التى اعتبرها  منطقة حظر يتحاشها الكثيرون خشية الوقوع و التلاشى إلى الأبد أو الإختفاء المجهول، فلذلك لم أتعمق فى تفاصيلها الدقيقة، التى مازالت محل خلاف  لكثير من الطوائف و الملل العقائدية فهى  تحتوى على تفاصيل دقيقة للإجتهادات الهرطوقية تبعا لجغرافية المكان و كذلك اجتهادات علماء الكلام الاسلامى، وقد سمحت لنفسى بتبسيطها و عرضها لأهميتها و ملائمتها لظرفنا الحالى الذى يدعونا جميعا أن نبتعد عن التخندق و التحزب فى اتجاة فكر واحد  فلنقترب من بعضنا بإعتبارنا نجتمع فوق أرضية مشتركة جغرافيا و امتدادها الزمانى متأصل بعروبة المنطقة التى تجمعنا بأحداثها معا. 

قواعد القوة و الضعف

  
حينما اغرق فى افكارى و اجول فى خواطرى  واجد نفسى من هذا الجنس البشرى الذى يسمونه الاثنى  اجد من على شاكلتى قد تحاوطها اسوارا و اسياجا  ودائما تتطلع عبر نافذتها  تبحث عن الحرية خارج نطاق الاسوار  المحيطة فاى حرية تحلم بها
هل هى التطلع عبر نافذتها لتستمتع بالشمس واشعتها حين شروقها وغروبها وتتنفس نسائم الهواء وتحلم بمستقبلها وتخطط له  وثم تنزل من نافذتها الى ارض الواقع لتشارك وتسير كنفس واحدة مع الرجل ام تصارع فى الصحراء القاحلة بمفردها وتنادي بكلمات نحوالحق العدل المساواة دون ان تعلم حقيقة وضعها الذى يعلن بانها تمتلكم حقا 
  
وقد اتسائل هل يعيبها ان اعترفت بكونها الاضعف فما كان وجود القوى الا من أجل الضعيف  وما كانت قوته الا ليتعامل مع ادوات خلق لاجلها  وليتحمل صعابها  ويكون قائما على احتواء هذا الكائن الاضعف
  ان كانت تكره ضعفها فلديها قواعد تنطلق منها قوتها فان تنازلت عن حقوقا مادية لها كالمهر والانفاق  فهذا قوة و عفوا وهبة للرجل  وليس خنوعا وذلا فانها تسمو بنفسها وروحها بعيداعن متع  زائلة ومادية فى زمن خلقت فيه النفوس تبتغى الجشع والطمع
وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (4) 
فان الله يعوض اضعافا عن ما تنازلت عنه فاقر للمراة  ميراثا محفوظا بحدود مذكورة و الله هو العدل و الحق وهو الذى يقر الحقوق ويهبها بمقدار لعباده لحكمة وما عليهم بنى البشر الا الطاعة فى قوله تعالى:
لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7)
 
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خالدين فيها وذلك الفوز العظيم
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)
 
  وقد يؤهلها ايضا بنيانها ووضعها الى اعمال اخرى لا يستطيع الرجل القوى ان يقوم بها استنادا الى تلك العاطفة الجارفة التى تمتلكها فتستطيع ان تمنح الحب والعطف والعفو وهذا قد يتناقض مع الطرف الاخر الذى يتعامل بهذة العواطف بمفاهيم مبنية على المنطق والعقل  مما يخلق انسجاما وتناغما بينهما  نحو الكمال لينطلقان معا  فى مسيرة الحياة
 فى قوله تعالى : وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (32)
 
ولكن يعيب الرجل ان تعاهد مع رب العالمين على هذا الميثاق الغليظ ثم مال قلبه عنها و تحول من هدوء جريان نبعه الى ثورانه وبطشه وينسى ايام  الود و الرحمة وينجرف الى اعوجاجه فلا ينظر الى الخير الغامر حوله بل ينظر الى استرداد ما وهبه واعطاه من قبل او يجنح الى البطش بالتجافى والافتراء بجبروته  فاين عظمة وسمو هذة النفس البشرية التى وهبها الله القوة و السيادة على الاضعف 
وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (20)وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً (21)
 
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً (34)
 
  وقد يعانى هذا الجسد البشرى من تقلبات القلب بداخله بين الحب بدءا بسخونته وتوهجه و انطفائه وياتى الرد من رب العالمين فى قوله تعالى:
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراًكَثِيراً (19  
قاعدة عظيمة  تجيب عن اسئلة تدور فى عقولنا ووجداننا عن سر هذة النفس التى تحب اليوم وتكره غدا مع ذلك ان جاز له التعدد يستحيل العدل من بنى البشر حينما يميل قلبه احيانا  ولا يجوزا ان يجور على حساب احد وان وقعت الفرقة بينهما فالله يغنى كل منهما من سعة فضله وحكمته فى قضائه بين عباده
 
وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (129) وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً (130)
 
فما من شىء ابلغ من ان تنبثق من قواعد الضعف قوة نابعة من العاطفة تعلو الماديات وتعادل قواعد القوة التى تجنح الى المنطق والسيادة فتمتزجان معا لخلق توازنا انسانيا يسيران معا نحو مبادىء وقيم تعبر عن عمق مضمون الحق والعدل والمساواة فعليا.
بقلم: نرمين عبدالعزيز    

تعليقي عن رواية سارة

كم من  سطورا تقرأها ترص فيها الكلمات وتنمق ولكن عندما تبحر بأعينك وتجد كلمات توقظ عقلك وتوقد خيالك فتجد فى  نفسك رغبة فى التفتيش وراء تلك الكلمات فيستثيرك تعبيره فتقرر أن ترحل معه فى أعماقه لتستزيد من نبعه ولا تقوى أن تقاوم انسياب كلماته   وهذا ما  ملأ إحساسى عند قرائتى لراوية العقاد الوحيدة سارة.
 
قد تلاعب بنا العقاد بحيلته عندما سرد لنا القصة من آخرها ليعلن قرب نهايتها بتسمية أبطالها بلقب صاحبنا وصاحبتنا ،ثم من منتصفها يضع اسمائهما ثم عاد بنا إلى بدايتها  ليرسم بكلماته خلجات نفس بطل الرواية و تخبطه، بين عنفوان حبه و فتوره  ثم شكوكه و مراقبة حبيبته ثم قطيعته  ثم عودته وتمتعه بألانس حتى يفترقا، ليترجم لنا أسرار النفس البشرية الهائمة بين فضيلتها واثمها وغفلتها.
 
أيضاًاستخدامه لكلمات منمقة بتعبيرات أقل ما يقال عنها الترقى فى اللفظ والوصف ليشعل بخيالنا أنه يحكى عن أنثى ليست بعالمنا بل أنها اقرب إلى حورية من الجنان البعيدة،  ثم ما يلبث أن يقر بأنها طردت من الجنان  لأهوائها الجامحة المفعمة داخلها ثم يعود يفند مزاياها ليقر تشبثه بها، وقد وصف جمالها بأنها جميلة جمالًا لا يختلط بغيره من ملامح النساء فلو عمدت إلى ترتيب ألف امراة هى منهن لنظمتهن فى مراتب الجمال ونحيت سارة عن الصف وحدها، ولونها كلون الشهد الصافى يأخذ محاسن الألوان وعيناها نجلاوان وطفاوان فيهما خطفة الصقر ودعة الحمامة وفمها فم الطفل الرضيع ولها ذقن كطرف الكمثرى.
 
وتأتى أيضا روعة هذة الرواية فى أنها عبرت عن أسلوب وغاية العقاد فى 16فصل منفصلة يصف فيه شكل العلاقة و حوارات التى تدور فيها بينه وبين الشخصيات  وليجعل القارىء ملماً بتفاصيل غاية الأهمية تجعلنا نقر بأنه أحب هذة المرأة وفى نفسه شيىء يمنعه ويبرر عدم اكتمال قصة الحب عبر فصوله  وربما هذة حيلته  فى الرواية لكونه عملاقا يبتدع لونا مختلفا من فنون الأدب.
 
يبقى شخصيات القصة همام وسارة وأمين الذى وكله بمراقبتها وماريانا صاحبة بيت مفروش يسكن فيه صاحبه زاهر وهو المكان الذى قابل فيه سارة  وعرفها لأول مرة وتفاصيل هذا اللقاء من فرحه ونشوة اللقاءات الاولى بينهما ويسرد إلينا خفايا سارة من أنها لا تقوى على حبسها التقاليد وذكائها الوقاد ولو أنها سيقت لرجل يملأ عينها ويحقق معنى الرجولة لاستقرت بعض الاستقرار وقنعت بعض القنوع.
 
ونرى أيضا انبهاره بها باشياء كثيرة من رعايتها بالمواعيد و مرحها بغير تكلف وزينتها التى يبصرها وفكاهتها التى تدركها ولا تتخذ منها معرضا مفتوحا فى كل ساعة.
 
وتدهور هذة العلاقة فقد كان همام قانعاً بالمودة الهنيئة الوادعة فاذا حضرت سره حضورها واذا غابت لم يغضبه غيابها ويتصلان وينفصلان ولا قلق غير أن سارة لم يعجبها هذا الجدول المترقرق المنساب وأبت الا ان تراه شلالا يعج ويثور ويضطرب ويمور فنصبت فيه الحواجز وأقامت فيه الصخور.
 
ويسره أن لايزال واجداً فيها كل حين ميدانا جديدا للاستكشاف ويسره أن يراقب المرأة وهى تستكشفه وتتخذ لها منسربا إلى عواطفه وان المرأة فى استكشافها للرجل كمن يجوس خلال الغابة والرجل فى اسكشافه للمرأه كأنه يجوس خلال الروضة.
 
ويدخلنا عبر روايته لقصة حب همام الأولى لفتاة تدعى هند التى كانت علاقته بها لاتعدو عن نجمين سيارين فى المنظومة الواحدة يحومان فى نطاق واحد ويتجاذبان حول محور واحد يحذران التقارب لأنه اصطدام و بانها شعرت ان النساء تحولن عنده إلى امراة  ذات شان وهى سارة وقامت هند بزيارة قصيرة له كادت تخلو من الكلمات عبرت عنها دمعاتها ويصور لنا همام بانه لم يشعر بتبكيت الضمير لأنه لم يخن هند ولم يقصر فى حقها لانه لاعهد بينها وبينه.
 
ويفند لنا أسباب شكه بأن الخيانة ليست مستحيلةلأنهما يمكن يجدا بديلا يغنيهما عن الحب ورواياتها عن وجود حب ما فى حياتها عبر علاقتين سابقتين و بعض ألفاظ تفوه بها طفلها الصغيروهنا يصحو همام من حلمه وتنهر سارة طفلها ووجد علامات وقرائن تؤخذ عليها بالادانة وكافية للتشكيك فيها وسعى أمين الى مراقبتها ليجدها مع رجل  فى أحد الاماكن و سر همام بنتيجة تعبه من الشكوك والمراقبة.
 
وتأتى نهاية القصة التى معروف خاتمتها من أول بدايتها فى أروع كلمات يبدعها العقاد
 
أليس من الجائز أنها وفت لك فى أيام عشرتها واستحقت وفائك لها وصيانتك إياها وغيرتك عليها؟ أليس من الجائز انها يئست منك فزلت بعد الفراق؟
 
ومما لا يدعو الى الزلل ان أقول أن هذة القصة لونا من فنون الأدب ابتدعها العقاد بطريقة أقرب إلى الأحجية فى السرد  تمتع قرائها بالرقى  وتصلح لأن تكون مرجعا لكل من اراد ان يسبر أغوار النفس البشرية ليبحث عن ماهية الرجل والمرأة فى تحليل كلاهما و ما يعترضهما من حوادث خلال علاقتهما العاطفية. 
لكن يمكن أن يقع زللي في أن أظن، أن بطل الرواية هو نفسه كاتبها وأراد أن يزيح عن قلبه وروحه ضلال هيامه القديم ليهتدى إلى طريق مستقيم،بتوبته عن الحب عقب سارة. 
 
و

تعليقي على كتاب رسالة في الطريق الي ثقافتنا

هل يعقل اننى كنت اعيش فى وهم من خلال رحلتنا فى الحياة عبر كم المتزاحم من  الاوراق التى تحويها كتبنا و صحفنا و كانت حصيلة ثقافتنا فهل هى غفوة تبعد عن صحوة الواقع و  الحقيقة   هل حضارتنا طمست معالمها و ضاعت تحت وطأة السلب و السطو على تراثها ليتم تفريغها من ماضيها العظيم لاستبداله بحاضر دخيل يتم تنقيحه لصالح بيئة اخرى و هذا اكتشافى من قرائتى لكتاب رسالة فى الطريق الى ثقافتنا.
 
الكتاب يحتاج الى تركيز شديد و قدرة على المتابعة بحيث ان اى شرود يضيع منك تسلسل لاحداثة فهو يحوى على تفصيلات دقيقة فاحببت ان اوجزها لاترك لنفسى مجالا للتعبير عن امور قد تركت اثرا فى نفسى
  الكاتب محمود شاكر هنا متمكن من لغته الراقية الرصينة و يركز على التنظير فى تعبيراته و بجانب قدراته التحليلية  بالفاظ ترسم الاحداث فقد بدا الكاتب بتقرير فساد الحياة الادبية وقراره بنزول الميدان و اعداد العدة بالبحث فى الارث القديم واصول الفقه  و العلوم والادب و ليزداد منهجه اتساعا و اكتمالا و تنوعا ووضع شروط جمع المادة و التطبيق بان يتبرأ من الغفلة و الاغفال و التسرع و الهوى  وكذلك يؤتى  حظا من البصر الناقد و الاخلاق عن طريق المعرفة و اللغة والثقافة و الضبط الاخلاقى بعيدا عن الاهواء
   ومنها انتقل لسبب فساد الحياة الادبية التى تسبب فيه الاستشراق و قد لعبت الاهواء الغربية والمصالح دورا لاختراق دارالاسلام و تمزيقه و الظفر بالكنوز و من الاستشراق رسا الاستعمار و رسخت قواعد التبشير
و بدأ بترتيب احداث بدأ الاستشراق و ماسبقها من احداث تاريخية و التى بسببها كان مجىء الحملة الفرنسية حتى وصول الانجليز للحكم و اهداف الغرب التكتيكية و الاستيراتيجية.  
 
كان مخطط الاستشراق اضعاف الشرق و لعب دورا كبيرا فى عملية الاستفراغ الثقافى لاجيال متعددة و بدأ من عهد محمد على وذلك باخضاع العالم المتخلف الى العالم المتحضر باعداد اجيال مبعوثين للخارج ليعودوا للشرق يردوا افكارهم كالبغباوات بالزهو و الاعجاب بأوروبا و مظاهرها و و تم نشر و اتساع فى ذلك بانشاء اجيال من تلاميذ المدارس وتفريغهم من ماضيهم وملئها بتاريخهم و لغاتهم وثقافاتهم وفى ظل ذلك انتعشت الحركة الثقافية والادبية بالسطو على مؤلفات المسرح الاوروبى وميل سافر نحو الجديد الدخيل المحروم من التذوق بثقافتنا.
 
الكتاب يعد دراسة تاريخية و تحليلية موثقة بدلائل  الفساد الذى نعانى منه منذ قرون و  نجهل اسبابة فقد جاء الكتاب معللا تدهور امة كاملة كانت ذات مجد و عزة و تراث يحتذى به.

عرضي لرواية النبطي

رششت ما بقى من الماء العطر على فرشتى واستلقيت على ظهرى والمراة بيدى...هذة انا المنسية جميلة اذ تكسو وجهى هذة الحمرة الرائقة وقد صار شعرى انعم ملمسا اظنه قد صار اطول عيناى تنظران الى عينى فارى افقا وروحى تلامس روحى فأحس توحدى مع السماء   نحيت المراة ونفخت فتيلة الفانوس فاضاء صدرى لهيب الخفقان نمت نوما لا يشبه اى نوم ورايت احلاما غير كل الاحلام - مقطع من كلمات مارية فى النبطى

 عندما تبدا فى قراءة هذة الرواية تشعر بان هناك جريمة سطو تمت لاختراق تفاصيل حياة انثى لفضح اساليب حياتها اليومية ما بين صحوها و غفوها و شرودها و خيالها و تفكيرها و تحليلها فقد تسائلت و تسائل غيرى من اين استطاع الكاتب ان  يلم بتفاصيل تعبر بهذة الحرفية فقد وجدت من خلال تعبيراته و سرده معايشه كاملة لحياة المرأة بدءا من احاسيسها الى تعاملاتها خرقت حواجز عديدة  لتنسج لنا مارية باحلامها و برائتها فلننسى نساء عزازيل  فالمرأة لم تعد اوكتافيا جنية الشط الغاوية ولا هيباتيا فيلسوفة كل الازمان وليست مارتا المتوارية خلف وداعتها التى تخلت عن انتظار حبيبها   فمارية صبية فقيرة  تخطو نحو عالم الانوثة تستعد لعرسها  من التاجر العربى التى لا تعرفه فمن مبتداها الى منتهاها تستسلم الى مصيرها مع زوج فى ترحال لا تعبء بوجوده و تطوى امانيها واحلامها  فى حال الانتظار وتداعب افكارها ذكريات الماضى  تتداعى فى  عقلها الاسئلة  دون ردود فلا تجد غير الهروب لتحلق كطير عبرالسماء او تغوص كدودة
فى الرمال او الصخور فتتناسى نيران وحدتها بابتهاجها بصحبة دميانة ومن بعدها ليلى ومشاركاتها اسرارها اوبسعادتها بحوارات النبطى فى انتظاره لوحى النبوة

و التاريخ هنا ليس بطلا بل خلفية  للاحداث لربما اراد الكاتب تجنب الصراع و الجدل الذى دار حول عزازيل فى مناقشة مسائل اللاهوت لكن هنا فى الرواية  كانت مصر تحت الحكم البيزنطى فعلى الرغم من صراعات كنسية بين اليعاقبة والملكانين و الصراع الدائر بين الفرس والروم الا ان هناك حالة سائدة من قبول الاخر للناس دون مقت او تعصب بالرغم من اختلافات الديانات والطبائع والعادات   فتتوالى الاحداث لتصل لعصر قبل الفتح الاسلامى لمصر ولاشد ما تعجبت اليه بساطة متطلبات الحياة وتواد وتراحم افرادها ببعضهم  سواء فى الكفر الفقير او ارض الانباط  

لقد برع الكاتب فى وصف مرحلة انتقالية فى حياة الفتاة بتفاصيلها وقد تخطى فى وصفه حدود الجسد  الى الاحاسيس والمشاعر المضطربة تحودها الاحلام والخيالات بما تحويها من  اسرار ثم  تتابعها الزمنى لمراحلها اللاحقة  فخلق من الرواية مرجعا لمن اراد ان يفهم الغاز المرأة بابتكار و ابداع مفردات و تعبيرات مستحدثة لوصف  المشاهد والامكنة المحيطة بما فيها من بساطة معيشة الناس ومودتهم ببعضهم   فالتصوير بالاستعارات والمجازات اغنى عن الصورة الفوتوغرافية.

 وتنتهى الرواية بقول مارية مالى دوما مستسلمة لما ياتينى من خارجى فيستلبنى أحجر انا حتى لا يحركنى الهوى وتقودنى أمنيتى الوحيدة؟

فهل قدت البدايات بالنهايات وهى الكلمة التى بدات بها الرواية ؟  فمثلما بدأت مثلما انتهت حال المرأة تعدى السنوات والقرون  ومازالت كما هى فى حال الانتظار والاستسلام للاحداث وحولها الناس غافلون.
  
رواية النبطى انتزعنا من حياتنا اللاهثة الى تلك العصر الذى نجهله ليعيدنا الى جذورنا التى لولا صلابتها ما امتدت الى حاضرنا  فلنتأمل الماضى لنراجعه فى محاولة لفهم الاسباب التى أضعفنا و دراستها و معرفة احداث تاريخية كانت سر مجدنا ومن خلالها نحلم من جديد لعلنا ندرك فهما جديدا لخلق مستقبل افضل. 
  

تعليقي على رواية تاييس أناتول فرانس


اما انا احبك بالروح والحق احبك فى الله والى ابد الابدين والشعور الذى يكنه صدرى لك هو حق وعطف رباني انى اعدك للمادب المقدسة والافراح السماوية والنعيم الذى اتيك به مقيم لايزول نادر لم يسمع رائع لايوصف واذا قدر للسعداء ان يروا لمحة واحدة من مثله فانهم يموتون فى الحال من شدة الذهول كلمات بافنوس
تاييس اجتاحتنى بسحر فلم استطع ان اتركها والا وقد شغلت فكرى و نفسى  فانها تروى حكاية البحث عن الذات لابطالها الذين ينشدون السعادة فى الحياة فاثارت قضايا جدل الدين والدنيا التى تتلخص فى ثلاث نقاط الرب و العبد و الارض فهل ياترى احب الراهب بافنوس  الفتاة الفاجرة حبا فيه اشتهاءا للروح ام الجسد  وما حظ حب الرب مع وجود حب تاييس وهل يجوز ان يجمع بين انواع العشق  فى قلب الراهب العابد المتبتل؟

وقد استطاع الكاتب بسرد الاحداث ان يجيب بعضا من هذة التساؤلات بنهاية الاحداث التى سارت الى نقيضها و بتحليله للنفس البشرية التى تحتار بين احتياجاتها الجسدية والروحية وقد عبر الكاتب هنا بحرفية الانتقال بين نفس الراهب الناسك الذى ترك متع الدنيا ليحيا بقرب الله  ونفس تاييس الفتاة التى شهدت الوان عدة من الحياة بين احمس النوبى المتعبد لله  و حياة الشهرة والفجور فى احضان الثراء و المتع المادية باشكالها واخيرا انعزالها فى الدير  لتمحو خطاياها
ثم تنتقل الاحداث لتتوغل فى نفس الراهب الغارق فى دنيا ملئت قلبه وروحه و خطيئة لا تنمحى ويعجز بقصوره البشرى ان يدرك كنه الحقيقة ويتسائل سؤالا فيه نهايته لبئس المصير

اترحم يارب هذا الرجل المدنس بالخطايا كلها اتكلأ بعين رعايتك هذا المنتهك للحرمات ثم تعرض عنى انا الذى أأتمربأمرك وأنتهى بنهيك ما أشد غموض عدالتك ياالهى وما أبعد طرقك عن الادراك
 
 ففى هذا السؤال تكشفت نفس الراهب  المتعالية المتغطرسة على الرب  الذى كان يترائى بعبادته امام الناس  ليكسب صيتا و يتعالى بعبادته امام الله  ويمن عليه بانه ذكره وتعبد له ليلا ونهارا  فجاء الرد من رئيس الرهبان للعبد المذنب :انك  لم تقنط من رحمة الله فسلام الله فيك وعليك فقد  ازهرت زنبقة فضائلك على سماء فسقك.
وينسى بافنوس ان الله بيده الرزق وانه القادر ان قال للشيء كن فيكون  فهو القائل فى حديثه القدسى لارزقن من لاحيلة له حتى ليتعجب ذوى الحيل فكانت العاقبة لبافنوس  بان يسخط فى الاولى والاخرة
هكذا اراد  الكاتب ان ينهى الرواية ولكن الحياة لا تنتهى فيها العبر و مازالت التوبة باقية  مادام العبد لا يمل الرجوع والندم  فالله لا يمل التوبة
و لانهى رسالتنى فلم اجد ابلغ من هذة الاية القرانية التى كلما جاء ذكرها زاد خوفى و استغفارى
فيقول الله عز وجل : الا انبئكم  بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا  وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا

تعليقي لكتاب اسطنبول الذكريات و المدينة


الكتاب نموذج عظيم للسيرة الذاتية ولكننى نظرت اليه من زاوية اخرى من حيث انها ايضا مسيرة حياة كانت بها تخطيط لبناء وصناعة مبدع فى مجال ما وقد اهلته بيئته و اهتماماته وعائلته ليصبح ذو شأن ولكن اصابه الحيرة والضياع فى بلد ضاع بين الاصولية والتغريب فأضحى يعيش فى الاذواجية  بين حبه لفن الرسم واضطراره لدراسة المعمار ومن جهة اخرى بين نمطه التقليدى فى الحياة و مجاراته للفكر التغريبى الاوروبى التى تحاكيه اسطنبول وبتحليلاته  وتأملاته صنع هنا سيرته الذاتية وهنا عبرت هذة الجملة عن مضمون الكتاب  
 
هل سر اسطنبول هو ان تعيش الفقر  الى جانب التاريخ العظيم ومقابل كل هذا الانفتاح على التاثيرات الخارجية  فيما تنبنى الحياة اليومية على علاقات مهلهلة لكن اى قول بشأن خصوصيات المدينة العامة وروحها وجوهرها يتحول الى حديث حول حياتنا ووضعنا النفسى ليس للمدينة مركز غيرنا
 
 
  فعبر قراءاتى فى كتاب اسطنبول الذكريات والمدينة شعرت باننى لست بمفردى فى هذا العالم تداعبنى خيالاتى فهناك من شاركنى فيها من قبل وجودى فى الدنيا وتتوارد عليه نفس خواطرى و تساؤلاتى الا انه تغلب على كتمانها و صنع منها ابداعا رائعا  لكن القدر  اجبر اورهان باموق ليعيش تحت وطأة احداث الحياة بالجبر دون الخيار وتفاعل معها ولم يتمالك الا ان يطلق مخيالاته لتتجاوز حدود الفكر فنزعت من الاندهاش الى الاستفسار منها الى الاستكشاف فعاش كانسان عادى يحاول تفسير ما حوله يتامل الارض بابنيتها وازقتها و بحرها وجوها و يشعر بمسحة الحزن العالقة بها فيلخصه بانه بسبب عدم قرب كاف من الله و فقدان ناجم عن انهيار الدولة العثمانية وانعكاسه على الناس والمدينة وعلى رغم من ذلك الا ان الاسطنبوليين مازلوا متعلقين بهذه الجثة الممتدة فتمنحهم شاعرية ووقارا
 
ولا نستطيع ان نرى اسطنبول الجديدة دون ان نذكركلمة تأتى دائما مرادفة معها وهى العلمانية ولم يترك اورهان هذة الكلمة تمر دون ان يذكرنا  ويفسرها لنا عبر كتابه  ان كنت اراها جرأة بانه وصف نظرتة الطفولية نحو الدين وتصوره لشكل الاله وأخذنا الى فكرة ان الدين للفقراء وهم اولى بالعبادة والتقرب لشظف عيشهم وكأن الغنى له الحق فى التكبر والاستغناء بماله وسعة عيشه وهى فكرة يمكن ان تتوارى فى العقل الباطن وتظهرمن خلال افعال كتير من الناس وكذلك اتخاذ الدين كعادة من العادات ومظهر خارجى على سبيل التعود دون الالتزام بالعبادة وطقوسها وذلك نتيجة للفكر الذى غرسه اتاتورك
 
ينتقل الكاتب فى الفصول الاخيرة بالكتاب ليروى قصة حبه لفتاته واندماجه بالرسم ليرسمها وحلمه الذى ضاع اثر صعوبة ان يرضى اهلها بان يتركوها ترتبط بفنان فى بلد فقير يداهن الفنانين ويستهين بهم وبالتالى تاتى محاواراته مع امه ترسخ فى فكره ان الرسام تعيس اذا ظل فنانا فقط بعكس من يكن لديه مهنة تمنحه ثقة وتكسبه نقودا فيستطيع ان يمارس الرسم ويستمتع به فلا يضطر الى الاستغناء عن قيمه ومبادئه فينافق الاغنياء ليبيع لوحاته ليحصل على لقمة عيشه فيغدو قلقا ومعقدا مما يجعل الاخرون يدفعون نقودا شفقة كانهم يستهينون بما الت عليه حاله
 وبذلك استطاع اورهان باموق ان يتغلب على تخبطه بين عالمه الاول المتعايش مع الحياة و عالمه الثانى الذى يستمتع به عبر خطوط يديه الذى يشعر فيه بحريته الذاتية فاستطاع ان يفطن الى حقيقة ان الاستغراق فى مرسمه وتخيل عالم مثالى لا يجدى دون ان يحتك بالعالم الاول ويحاكيه فيحاول بقيمه وافكاره الناضجة ان يعلى قيما واهدافا تستقيم بها حياة الناس و يهدم افكارا تزحزح الاخلاق و الاصالة

وان كانت هذة السيرة الذاتية الخاصه بكاتب عبر من خلالها عن كيفيه تشكيل نفسيته وذاكرته  ونمطه الانسانى والحياتى وحمل وطنه جزءا كبيرا من معاناته وتخبطاته الا ان  سرحصول باموق لجائزة نوبل جاء بسبب  اقتحامه ببساطة اسلوب حياتنا واستطاع عن يعبر عن دواخلنا من خلال نفسيته فاصبحت حياتنا هى حياته ووطنه هو وطننا.

عرضي لرواية الحب في المنفى

ند مطالعتى لعنوان الكتاب (الحب فى المنفى) ظننت أننى سأقرأ أحدى قصص الحب و تفاصيلها حيث ان غموض العنوان يوحى بأنها تدور حيث الهروب الاجبارى  و الحب يلطف أجوائه الا ان الكتاب يعبر عن مضمون اعمق بكثير من هذا العنوان و ربما هذا العنوان الخيالى لتمويه الرأى العام حيال القضايا التى يحتويها الكتاب، انه واقع يعيشه عالم الضعفاء فى مواجهة عالم الاقوياء يبدأ من استباحة حقوقهم و انتهاك انسانيتهم الى زحف دبابات و ضرب قنابل و قصف الطائرات و احراق مدن و مخيمات لشعب وتنتهى باستباحة اراقة دماء.
حين وصلت إلى الميدان وجدته محتشدا بالمئات و استمر اخرون يفدون من الشوارع الجانبية كان معظم الموجودون من الشباب وقد احاطوا المنصة المقامة حول تمثال الفارس بالأعلام الفلسطينية و اللافتات ( كفى مذابح فى لبنان ) و(بيجين وشارون قاتلان)و (كلنا مسؤولون عن صبرا و شاتيلا)و(حزب العمال يدين قتل الفلسطنيين)." مقطع من الرواية"
مشهد خيالى المكان فى أحد ميادين دولة أوربية جاء خاطرا على عقل الكاتب ما هو بظان أن يتحقق على أراض عربية، فتمر الأعوام و السنون  وتتوالى الأجيال لتتلفت و تتسائل لماذا وصلنا الى طريق مسدود فى  السلام ..أين الحرية ... أين الكرامة  ؟ وتنفتح أمامها عوالم افتراضية واقعية جعل الشباب يعبر و يحلق بأحلامه ينسج افكاره من بين رؤية من سبقوهم ابصارا للواقع و تلميحا للأمانى و اعترافا بقلة الحيلة و استسلام للواقع المرير، الا أن بكلمات المبادىء و الأحلام المستحيلة شحذت همم الشباب الثائر و خلقت من الحلم حقيقة، بدأت من حشد الشباب إلى ميدان التحرير فى يوم 25 يناير بدءا بلافتات و هتافات  عيش حرية  كرامة إنسانية و لتنتهى بهتاف الرحيل و اسقاط النظام .
ارتداد إلى المشهد الروائى لمظاهرة الميدان، فانه جاء ردا عقب مجازر صبرا و شاتيلا عام 1982، عندما قامت الدبابات الاسرائيلية  تدك المخيمات و الجرافات تهدم البيوت على من فيها،   و استخدام الرشاشات و البنادق و السكاكين و البلط و السيوف و السحل بالشوارع،  فاتبعها اكوام من الجثث ملقاة.
البطل الراوى كهل صحفى فى خريف العمر تطارده ذكرياته غرامه و زواجه و انفصاله عن منار وتركه لاولاده، وهو لا يستطيع ان ينتقد الواقع فقرر الهروب بعد انهيار حلم العروبة الناصرى و صدمته أن الصحافة تخدم سلطة الحكم و تحسبها على حق إلى أن ترحل مما جعل الصحافة مضللة تحرم انتقاد الزعماء باعتبارهم جاءوا باختيارالشعب و يربطونها بفكرة الوطنية واى قدح فى الرؤساء معناه انتقاص من حب الوطن ، فهؤلاء الذين كانوا يسبحون بوجود عبد الناصر و سياسته و يعربدون بلعن سياساته بعد إعتلاء السادات،  تتأرجح مواقفه ما بين الغضب و الحيرة و الصمت، و يتحاور مع  صديقه الصحفى ابراهيم  الماركسى  وهو على خلاف مع معتقدات البطل ولكن الغربة والهدف الواحد جمعهم ليصبحوا أصدقاء، بأنهما ضد المجازر البشرية و يقين كل منهما أن عبد الناصر لن يعود و كذلك عمال العالم لن يتحدوا. 
و يظهر اقحام الحب إلى قلب الأحداث كطوق نجاة من اليأس فى منع  مجازر و إراقة الدماء، بريجيت محبوبة البطل، بدءا بانسجامهما و ثرثرتهما معا لتروى قصتها مع البرت حبيبها الأفريقى الذى رفض العالم حبهما و ارتباطهما فانفصلا، ثم تتحول صداقتها مع البطل الى انسجام ثم شرود فيحلو بينما الصمت و يحلو الاصغاء حين تدفق الكلمات أحدهما، فيقتنصان فرحة لقاءهما قبل أن تضيع و يغوصان معا فى دوامة فتجرفها من موجة إلى طوفان ليندمجان معا ليصلان إلى قمة الحب قبل أن يهزمهما العالم، فاحساسهما بالحب جعلهما يولدان من جديد ليخلقان معا سلام الحب.
أنت يا بريجيت التى قلت أننا نجونا بالحب و التى قلت فلنعش لحظتنا التى نملكها فلم لا تفعلين  الان ذلك .... أنا لاأطمع فى الأحلام المستحيلة فقط دعيه يبطىء  هذا كل ما أطمع فيه  وقد يترك احساس الحب سحرا خفيا يجعل أبطاله فى حالة من السكينة و الأمان لربما لرفضهما الحياة الكذبة المفروضة عليهما فامتزج بينهما حب لا نستطيع ان نجزم من الغازى و من الخاضع ؟  و نستبعد ايضا وضعها فى نطاق علاقة الغرب بالشرق لأنهم تحت تأثير خفى ساحر يأسر القلوب فطوعها ثم زال بينهما حدود القارات و الفوارق ، فيستسلم لها الرواى ويعيش معها اختلاسات لحظات الحب بحلاوتها و متعتها و لكن الهناء ينقضى فيقتل أحلامهما النفوذ السلطوى بقطع عيشهما و الحل أن ترحل بريجيت من عالمه.
استطاع الكاتب فى السياق السردى أن ينوه ما بين حقبتين الناصرية و الساداتية،  فلم يكن نقلا تاريخيا إنما سردا كتابيا برؤية و تشكيل ابداعى خاص بالكاتب يظهر ذلك فى شخصية يوسف فوضع من خلال حوارته تغاير الحياة فى عهد عبد الناصر وما بعدها فى عصر الانفتاح، وفشله فى تحقيق حلمه و سفره ثم تزوجه من إمراه عجوز  وعمله فى بار تمتلكه زوجته، وحلمه فى االاشتغال بالصحافة مع الأمير العربى الذى يمتلك صحيفة، ويشك البطل فى نوايا الأمير الذى يشارك رجل أعمال اسرائيلى ويمولان الصحيفة معا، الا أن يوسف يشتغل مع الأمير العربى  الذى يقنعه بأن المصلحة القومية (اعرف عدوك) تستدعى هذة المشاركة.
بهاء طاهر روائى  يمتلك حدسا خاصا بمعايشته  نمط الحياة بمصر و تاريخها، و لدية خبرة فى دروب مدن العالم و ناسها و تاريخها و امتلاكه للحصيلة الثقافية الغربية و العربية، استطاع تو ظيفها فى الرواية  وهذا ما أوحت به تصويراته و تجاربه الانسانية بالرواية،  فخلق منها عالما كتابيا مقروءا.
الكاتب استخدم سبل للاختلاف و المغايرة ليؤسس لنفسه خصوصية و هوية ابداعية بحكم عمله كمترجم فى جنيف كموظف فى الامم المتحدة وهى طورت رؤيته و اضافت الى خبرته المصرية الكثير و جعلت له مذاقا خاصا لبنية شخصيات رواياته و انسانياتهم، وكذلك عمله الاذاعى كمعد ومذيع ومخرج فى البرنامج الثقافى،  و توليه نائب مدير البرنامج الثانى فأتقن فنون كتابة السيناريو ومادة الدراما مما اعطى له تميزا فى تقنية الحوار، وجعلها عنصر أساسى لقصصة فأنبض فيها الحياة وهو ما جعلنا خلال روايتنا نشعر بتقاربنا من أنفاس الشخصيات، و نتفهم  مؤثراتها و تدرج منطقها.
 الرواية تتلمس أوجاعا لأصحاب المبادىء و المثل المفقودة بطنطنة كلمات كالثورة والعروبة والاشتراكية والعدل التى أصبحت للمقالات والندوات،  وليست للحياة ثم الانتقال الى مرحلة الانفتاح الاقتصادى الذى اوجد اللصوص الذين دمروا بسطاء الناس، بفكر الانفتاح و وصاية البنوك الأمريكية و الأجنبية  ثم زيارة القدس و الصلح و التطبيع الاسرائيلى، وترك لبنان و فلسطين لمخالب الوحش الصهيونى، ثم تأثر حياته الشخصية باكتناز أمواله من الخارج وتحويلها بالدولارات من السوق السوداء تماشيا مع تيارالسوق، و فى المقابل التطور الفكرى و الاجتماعى الذى ساهم فيه وجود جماعة الجلاليب كما أسماها الكاتب التى تقمع اى
اعتصامات و اضرابات، هذا التطور الفكرى و  الاجتماعى يلقى بظلاله على فكر و تشدد ابنه دينيا بدون وعى لروح الدين بنفى كامل الحياة و جعلها عار، و إدانة قاطعة لوالده بأن يقول له: أنت غلطان يا بابا دون اعطاء مساحة للحوار، و الافتراض الدائم بأنه احتكر معرفة الحقيقة لنفسه لاستناده لجدار الدين وتحريم متع مباحة، مثل أن يقول: الشطرنج حرام يسايره تشدد منار طليقته، بالشكل الذى يجعلها تكتب مقالات هجومية تشددية  تستند إلى فقهاء الجهل و الكذب فتفتقد سماحة الدين.
الرواية جمعت بين المبادىء العليا والمسئولية الانسانية والرومانسية الناعمة على الرغم من تحيز كاتبها للفكر الناصرى إلا أنه ابتدعها ليفسر الأحداث الجارية برؤيته لتشغل فكر قارئها  لفهم الحياة  و تحفر داخله ابعادا انسانية تتجرد من العنصرية و تؤمن بمبدأ قبول الأخر و تدحض التشدد العرقى  و الاقليمى و تعطى انذارات بأن ليس كل ما يطلى باللمعان و البريق الخارجى  يخبو بداخله الصلابة و الأصالة و ليس كل الكلمات الوطنية  الطنانة الخلابة حقائق تطبق على أرض الواقع.